Saturday, 16 May 2015

القسم الأدبي لا يزور تلفزيون سلطنة عمان !

 

 


 إهداء :

إلى كل من أحب الإعلام ، و سعى لأن يكون جزءً من حياته !! 


 

أن تكوني الأولى تحصيلياً في فصلك لسنوات عديدة  ، ثم تعلني للجميع أنك ستتخصصين في المجال الأدبي ، يعني أنك مجنونة وبحاجة لاستشارة طبيب نفسي في ذلك الوقت " ليس البعيد جداً " .

قررت أن اتجه للقسم الأدبي الذي عادة ما يكون قرار الإلتحاق به قبل نهاية الدراسة في الصف العاشر ويبدأ العمل به في الصف الحادي عشر والثاني عشر  في الدراسة " يوم أن كانت أسمائهم غير ذلك " 

هذا القرار جعل من معلمات المواد العلمية  اللاتي يتباهين بتفوقي ، لا يتعاملن معي ، ويتعمدن تجاهلي في الحصة الدراسية بعدم السماح لي بالمشاركة .

أمي لم يكن يهمها أدبي أو علمي ، المهم لديها أن أدخل جامعة السلطان قابوس وهذا شيء لم تكن تقبل المساومة فيه . لا كليات لا معاهد ولا غيرها ، فقط جامعة السلطان قابوس ، ولا شيء غير ذلك .

أبي كان مشغولاً بعمله وبالمزرعة حينما يعود في الإجازات ، كما أنه كان يعرف أن أمي تجيد ترتيب حياتنا .

أنا الآن استغرب من نفسي كيف استطعت وأنا فتاة ال 16 ربيعاً بكل خجلي وبراءتي يومها أن اتخذ قراراً و أصر عليه ، رغم غضب المعلمات واتجاه أغلب زميلاتي المقربات للتخصص العلمي " الذي كان يومها يُتعامل معه على أنه للمتفوقين فقط " وإن لم يعلن ذلك صراحة .

فكرة أن تصنف قدراتك الذهنية حسب التخصص الذي اخترته مجحفة جداً ، وقد تجعل فتاة في هذا العمر تغير رأيها ، خصوصاً أن قدراتها في المواد العلمية كانت ممتازة أيضاً ، لكنها لم تفعل !

الحقيقة لم يكن لدي أسباب ظاهرية تجعلني اختار التخصص الأدبي غير أنني أحب مادتي اللغة العربية والتاريخ . و لا أجد أدني صعوبة في استذكارهما.

ذاكرتي جيدة في استحضار التاريخ ومجرياته ، كما أنني شخص يدمن قراءة القصص والروايات منذ عمر مبكر من حياتي، و مستوى تمكني من اللغة العربية ومهارات التعبير كانت ملاحظة بشكل جيد. 

كان هنالك سبباً خفياً لرغبتي في هذا التخصص لم أخبر به أحدا ولا حتى أمي ، وهو أني كنت أرغب  في أن أكون صحفية أو كاتبة ، أدرس الإعلام وتخصص الصحافة تحديداً . اعتقدت يومها أن لدي موهبة الكتابة ، و طبعا كنت أكتب لنفسي ولا أسمح  لأحد أن يطلع على ما أكتب . 

في عمر المراهقة بدأت في مراسلة  بعض البرامج التلفزيونية وكنت أسعد بقراءة رسائلي على الهواء  مباشرة من قبل المذيعين والمذيعات ، بل ذهب بي الجنون لزيارة قناة تلفزيونية في دولة جارة لمقابلة المذيعين والمذيعات الذين قرأوا رسائلي على الهواء ، و طبعا لم ألتقيهم !

كنت مبهورة بالإعلام ونجوم الإعلام و راغبة في معرفة ما يحدث وراء الكواليس و هنا اذكر قصة حدثت في المدرسة عندما كنت في الصف الثالث الثانوي " الثاني عشر حاليا " عندما عرفت أن المدرسة بصدد تنظيم رحلة دراسية لإذاعة وتلفزيون سلطنة عمان لطالبات القسم العلمي فقط دون الأدبي .

هنا جن جنوني ، وأنا الطالبة الهادئة جداً التي كن معلماتها يشتكين من أنها لا تتكلم خارج المنهج الدراسي وأن حديثها كله عن الكتب والدراسة، فهي لا تتكلم حتى "لو اتطبرقت السماء على الأرض" إلا للجواب على سؤال. 

اذكر أنني قلت كيف يذهبون من غيري ؟ ولماذا القسم العلمي فقط وماذا عنا نحن ؟ هل هم أفضل منا ؟ و ذهبت وكلمت مديرة المدرسة التي كانت تعرف شخصيتي الصامتة واستغربت من اعتراضي المفاجيء ، و ربما اكتشفت أني لي صوت يعبر إن لزم الامر "أنا أيضاًصدمت بنفسي "  ، المهم أني أخبرتها أن ما تقوم به المدرسة غير منصف ، فلماذا يذهب القسم العلمي ، في حين أن الإعلاميين أصلا من القسم الأدبي ؟ لا أعرف من أخبرني يومها أن الإعلاميين هم من مخرجات القسم الأدبي ، وهل هم فعلا كذلك ، لا أعرف ، المهم أن المديرة لم ترد وقالت اذهبي لفصلك ، ذهبت والإحباط يثقل خطواتي و شعوري يتعاظم بأنهم يظلمون رغبتي و طموحي .

ماحدث أنه بعد يومين تم إلغاء الرحلة ، لا أعرف هل حديثي كان السبب ، أم أن الجهة المنظمة اعتذرت ، أم أن الباص تعطل ، أم ميزانية الرحلة كانت أكبر من قدرة الجمعية الاستهلاكية أم ماذا ، هذا لا يهم ، ما يهم أن الطفلة الثائرة بداخلي تنفست ولأكن أكثر صدقا ارتاحت.

مر الزمن ودخلت كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس ، وفي الفصل الأول قبل التخصص كنت أدرس مقرر "مدخل إلى الإعلام " وتناهي إلى علمي من بعض الزميلات أن أحد أساتذة الإعلام بصدد اصطحاب طلابه لرحلة للإذاعة والتلفزيون .

ذهبت للأستاذ الذي لم يكن يعرفني في مكتبه ، وأخبرته أني أرغب في الذهاب لهذه الرحلة ، وأني أحب الإعلام و و ، طبعا الأستاذ وافق على انضمامي ، وكانت فرحة من فرحات العمر التي لا تتشابه مع غيرها من الفرح .

يوم الزيارة كنت قلقة و متوترة ، رغم أن عدد الطلاب الذين كانوا في الرحلة أكثر من 40 طالب ، فلم القلق والتوتر وأنت لا يكاد يلحظ وجودك أحد ؟!

 

شاهدت يومها مذيعين ومذيعات عرفتهم منذ طفولتي ، وآخرين جدد انضموا مؤخراً ، و كم كانت وجوههم قريبة !

 رجعت وأنا أحدث كل من أعرفه ومن لا أعرفه أيضاً عن هذه الزيارة ، كأحد أهم إنجازاتي في الحياة ، رغم أنها فعلياً لم تكن كذلك. 

مر الزمن ، درست الصحافة وعملت في مجالاتها ، وأصبحت أتردد كثيرا على الأماكن الإعلامية المختلفة بحكم عملي ، وأصبح الإعلاميين الذين عرفتهم في طفولتي و شبابي ،يعرفونني بإسمي ويتعاملون معي كزميلة يقدرون اجتهادها .

وما زلت عندما اتذكر الرحلة التي اعترضت عليها في مدرستي ، أقول لنفسي : أعتذر إليكن يا طالبات القسم العلمي إن كان اعتراضي يومها سبباً في عدم رؤيتكن لعالم الإعلام الذي ناضلت لأزوره وأنضم إليه .

اعتذر جداً

 

تونس المحروقي 

بيرث استراليا 

تمطر جداً جداً  في الخارج ، والرياح لا تتوقف عن إخافتي .

الساعة الثانية عشر والنصف من يوم أحد " يقال أنه إجازة " 

شقة 414 

17 مايو 2015 . 

 

 

1 comment:

  1. حبيييت المقااال😻😻😻

    سبحان الله قاعده اقرأ نفسي بين سطورج !! انا كنت كذا بالمدرسة وكان حلمي ازور هيئة التلفزيون و اكون اعلامية او صحفيه ،، بس الحين صرت بتخصص بعيد عن الإعلام لكن مازال عندي بصيص من الأمل اني ادخل الحياة الإعلامية و الصحفية

    ReplyDelete

من شرفة محطة الرمل !

من شرفة محطة الرمل . تونس المحروقي إهداء إلى : • الفتاة التي كانت تبيع حقائب الأجهزة الإلكترونية في محل متواضع ...