Wednesday, 17 May 2017

مصر التي قد لا يلتقيها السياح !!



مصر التي قد لا يلتقيها السياح !!


إلى كل من زاروا مصر وقرروا بعد زيارتهم الأولى أنهم لن يعاودوا زيارتها ، إلى من وصفوا البلد وشعبه بصفات تتناسب مع تجاربهم السيئة فيها ، إلى من لم يعرفوا مصر كما عرفتها بعد ١١ زيارة لها في مواسم مختلفة ، قضيتها متنقلة بين الحارات الشعبية والفنادق أتكلم مع المصريين في الشوارع وأتنفس بساطة قلوبهم أكثر من أن أذهب للأماكن السياحية وألتقط صوراً بجوارها :

مصر هي " هانم " التي ترددت كثيراً قبل أن تخبرني بإسمها ، لأنها تقلق في كل مرة تقوله من أن يستهزي بها أحد بقوله " أزاي هانم وأنت بتشتغلي في دورة ميه في فندق " وقالت لي بعد حوار طويل امتد ساعات "أحنا عايزين نبقي أولاد ناس زيهم ، بس ربنا كتب لنا نشقى أكتر،واحنا راضين


مصر هي : الطفلة ذات السنوات الثمان التي كانت تتسول الطعام في جسر قصر النيل ، وقالت " أنا مش عايزة فلوس بس اشتري لي أكل عشان جعانة " وكانت عيناها ممتنة بعد أن تناولت الطعام


مصر هي : سائق سيارة الأجرة الذي حكى لي قصة حياته وأدخلني في مناقشة تفاصيل مجريات يومه وقبل أن أغادر سيارته بدقيقة قال لي " بس يارب ما أكون صدعت دماغ حضرتك "


مصر هي : مها من منطقة امبابة الشعبية التي طلبت استلام جمعيتها قبل موعدها من أجل أن تعمل عزومة محترمة تليق بضيفتها القادمة من الخارج ، ولم تخبرها بذلك ، وعرفت تلك المعلومة بالصدفة من جارتها !


مصر هي :أم محفوظ من القرية التي لا توجد على الخريطة بحسب قول ابنتها و التي توفى زوجها وترك لها ٦ بنات تعولهن فبدأت تعمل فطير مشلتت للمارين بقريتها وتبيعه كي تغني نفسها عن سؤال الناس 



مصر هي :لبنى التي توفى خطيبها بعد أن هجم عليه الأسد في جلسة تدريب للأسود وقتله وبقت بعده لا ترغب في الزواج محتفظة بصوره جميعاً في هاتفها وصورة ذلك الأسد الذي خان مدربه وافترسه !



مصر هي :أم محمد المقيمة في أحد مساجد الإسكندرية بشكل شبه يومي ، والتي تستقبل المصليات بدعائها وابتسامتها الراضية كأنها تملك الأرض بما عليها  ، وتقول لكل من يمد يده إليها بمبلغ " أنا بقعد هنا عشان ربنا يرضى عني مش عشان عايزة الناس تديني فلوس"


مصر هي : العائلة المصرية الكبيرة العدد التي زرتها في التاسعة مساء دون موعد مسبق فحلفوا مئة يمين  أن يقدموا لي عشائهم رغم أني أكدت لهم مراراً بأني تعشيت قبل وصولي !


مصر هي :نرمين التي في كل مرة تحجز لي سيارة أجرة " أوبر " تدفع عبر التطبيق نفسه أجرة المشوار ثم تقول في كل مرة " دي حاجة بسيطة هو أنت جاية كل يوم عندنا"؟

 

مصر هي :بائع الفواكة الذي يطعم القطط التي تتمسح بجلبابه كل يوم فيشترى لهن الشاورما ويقول لهن ممازحاً " ماتسيبوا لي حتة من اللحمة "


مصر هي : الدفء الذي تجده في أي منزل مصري بسيط تدخله وتتعامل مع أفراده ، لدرجة تشعر فيها أنهم أغنياء جداً بمشاعرهم وبساطتهم 


مصر هي : المكان الذي تتأكد أنه مهما حدث فيه من أزمات  ، وأصبح الحصول على القوت اليومي صعب جداً ، لكن الدنيا ستظل " لسه  بخير جداً" !!



تونس المحروقي 

فندق جراند نايل تاور غرفة ٣٥٥٧

١٧/٥/٢٠١٧



3 comments:

  1. ببساطة .. هية دي مصر .. مصر اللي مايعرفهاش كتير من ولادها الجاحدين اللي بيدوروا على فيزة لأمريكا ولا أوروبا .. شوفوها بعيون تونس المحروقي وإنتوا تموتوا وتعيشوا في دباديبها .. شكراً تونس المحروقي

    ReplyDelete
  2. تدوينه رائعة لابنة السلطنة .. تذكرت انني زرت مصر برفقة احد الزملاء الذين درسوا هناك وأخذني الى بيت عائلة اقرب اصحابه من الطائفة القبطية واستقبلونا بالترحاب واكرمونا بخيرهم وسعة قلوبهم . مصر ليست تاريخا منحوتا في مسلات او اهرامات بل شعبا عريقا غرست فيه الحضارات كل سمات الجمال والرقي والأنس والمحبة فلا يخاف من التفاعل مع العالم من حوله لثقته برسوخ جذوره وعمق تجربته وحضارته ..
    شكرا تونس المحروقي لجمال حرفك وسعة افقك ..

    ReplyDelete

من شرفة محطة الرمل !

من شرفة محطة الرمل . تونس المحروقي إهداء إلى : • الفتاة التي كانت تبيع حقائب الأجهزة الإلكترونية في محل متواضع ...