أغضبت أحدهم دون أن أقصد ، قيل لي أني قلت
كلمات قاسية ، لست مقتنعة بذلك ، راجعت كلماتي كثيراً ، لم تحمل أيا منها ما قد
يبدو قاسياُ ، كانت طبيعية ومنطقية جداً ، ولم تقل إلا إجابات لتساؤلات طرحت لي .
أنا من الأشخاص الذين يحاسبون أنفسهم كثيراً لذا
قضيت ليلة صعبة أفكر هل اخطأت ؟، وصلت لقناعة أنني لم أخطِ ، لكن لا بأس أن أعتذر
أن كانت كلماتي قد فهمت على نحو لا تحتمله . ذهبت للعمل دون أن أنام ولو لدقائق ، كنت أدرك
منذ اللحظة الأولى لدخولي المكتب أني لن استطيع أن أكون طبيعية بالكامل في العمل ،
ستنقص مني ابتسامة ،أو حتى مشاركة عذبة في حديثهم الصباحي ، سيفتقدون روحي التي يعرفونها
جيداً ، كنت أدرك ذلك حتى قبل أن يصلوا للمكتب .
حاولت أن أبدو أني بخير ، لطخت وجهي ببعض مساحيق
التجميل حتى لا يظهر ذلك الانتفاخ غير المحبب في جفوني ولا السواد الذي يسكن تحت عيناي
كمقيم دائم ، زينت أظافري بطلاء بلون وردي أحبه ، شربت كوبين من الماء حتى أخفف حجم الصداع الذي يسكنني من الليلة السابقة
.
جلست استعداداً لمجيء زملاء العمل والابتسامة
المصطنعة جاهزة للظهور فور حدوث ما يدعو لوجودها ، وخلال ذلك أنهيت بعض المهام
الخاصة بالعمل ، وتحدثت مع صديقة من اليابان ، أبهجتني قليلاً ثم اتفقنا على لقاء
قريب في مدينة ملبورن في استراليا، بعثت رسالة للآخر قلت فيها كلام كثير ، وأنهيتها
إن كانت قد اخطأت فأنا آسفة ، هلاّ سامحتني؟ تلك الرسالة كانت" واتسابية " ولولا ذلك لم تكن
حروف عمانتل لتتسع لكلماتي الكثيرة غير المترابطة ، غيرت نغمة رسائل ذلك الطرف بحيث تكون
نغمة مميزة يمكنني أن أعرفها فور سماعها ، حتى لا يشتت انتظاري بقية الرسائل
القادمة من أطراف آخرى ، أبعدت هاتفي بمسافة عني حتى لا تكون عيناي منشغلة به وبقيت
انتظر أن أسمع النغمة .
مر الوقت ، حضرت اجتماعات عدة ، ناقشت كثيراً ، لكن ذهني كان معلقاً بتلك
الرسالة ، استغفرت كثيرا ً ، أخبرتني أحدى الزميلات أن استلامي للجمعية سيكون هذا
الشهر ، لم أفرح كما يفترض لواحدة ترغب في السفر قريباُ، كنت انتظر تلك الرسالة
التي تقول لي أنه لم يعد أحد في كوكب الأرض غاضب مني .
مضى اليوم كله ، كنت مع كل البشر الذين
التقيت بهم بنصفي ، وكلي الباقي مشغول بتلك الرسالة، لم يسامحني ذلك الطرف ، ولم
تصلني تلك الرسالة ، بل وقام بحظر رقمي ، ومضى كلانا إلى حياته ، وأنا أحمل
اعتذاري الذي لم أقتنع أني أستحق أن أدفعه ، ومضى هو إلى قناعته بأني أخطأت وخطأي
لا يغتفر !!
تونس المحروقي
29.1.2017
No comments:
Post a Comment