Saturday, 28 January 2017

في البريد رسالة منتظرة !


 

أغضبت أحدهم دون أن أقصد ، قيل لي أني قلت كلمات قاسية ، لست مقتنعة بذلك ، راجعت كلماتي كثيراً ، لم تحمل أيا منها ما قد يبدو قاسياُ ، كانت طبيعية ومنطقية جداً ، ولم تقل إلا إجابات لتساؤلات طرحت لي .

أنا من الأشخاص الذين يحاسبون أنفسهم كثيراً لذا قضيت ليلة صعبة أفكر هل اخطأت ؟، وصلت لقناعة أنني لم أخطِ ، لكن لا بأس أن أعتذر أن كانت كلماتي قد فهمت على نحو لا تحتمله .  ذهبت للعمل دون أن أنام ولو لدقائق ، كنت أدرك منذ اللحظة الأولى لدخولي المكتب أني لن استطيع أن أكون طبيعية بالكامل في العمل ، ستنقص مني ابتسامة ،أو حتى مشاركة عذبة في حديثهم الصباحي ، سيفتقدون روحي التي يعرفونها جيداً ، كنت أدرك ذلك حتى قبل أن يصلوا للمكتب .

حاولت أن أبدو أني بخير ، لطخت وجهي ببعض مساحيق التجميل حتى لا يظهر ذلك الانتفاخ غير المحبب في جفوني ولا السواد الذي يسكن تحت عيناي كمقيم دائم ، زينت أظافري بطلاء بلون وردي أحبه ، شربت كوبين من الماء حتى  أخفف حجم الصداع الذي يسكنني من الليلة السابقة .

جلست استعداداً لمجيء زملاء العمل والابتسامة المصطنعة جاهزة للظهور فور حدوث ما يدعو لوجودها ، وخلال ذلك أنهيت بعض المهام الخاصة بالعمل ، وتحدثت مع صديقة من اليابان ، أبهجتني قليلاً ثم اتفقنا على لقاء قريب في مدينة ملبورن في استراليا، بعثت رسالة للآخر قلت فيها كلام كثير ، وأنهيتها إن كانت قد اخطأت فأنا آسفة ، هلاّ سامحتني؟ تلك الرسالة  كانت" واتسابية " ولولا ذلك لم تكن حروف عمانتل لتتسع لكلماتي الكثيرة غير المترابطة ، غيرت نغمة رسائل ذلك الطرف بحيث تكون نغمة مميزة يمكنني أن أعرفها فور سماعها ، حتى لا يشتت انتظاري بقية الرسائل القادمة من أطراف آخرى ، أبعدت هاتفي بمسافة عني حتى لا تكون عيناي منشغلة به وبقيت انتظر أن أسمع النغمة .

مر الوقت ، حضرت اجتماعات عدة  ، ناقشت كثيراً ، لكن ذهني كان معلقاً بتلك الرسالة ، استغفرت كثيرا ً ، أخبرتني أحدى الزميلات أن استلامي للجمعية سيكون هذا الشهر ، لم أفرح كما يفترض لواحدة ترغب في السفر قريباُ، كنت انتظر تلك الرسالة التي تقول لي أنه لم يعد أحد في كوكب الأرض غاضب مني .

مضى اليوم كله ، كنت مع كل البشر الذين التقيت بهم بنصفي ، وكلي الباقي مشغول بتلك الرسالة، لم يسامحني ذلك الطرف ، ولم تصلني تلك الرسالة ، بل وقام بحظر رقمي ، ومضى كلانا إلى حياته ، وأنا أحمل اعتذاري الذي لم أقتنع أني أستحق أن أدفعه ، ومضى هو إلى قناعته بأني أخطأت وخطأي لا يغتفر !!

تونس المحروقي

29.1.2017

No comments:

Post a Comment

من شرفة محطة الرمل !

من شرفة محطة الرمل . تونس المحروقي إهداء إلى : • الفتاة التي كانت تبيع حقائب الأجهزة الإلكترونية في محل متواضع ...