Wednesday, 20 December 2017
قلم أحمر وتعليم عالٍ بلا درجات.
Tuesday, 12 December 2017
أختي وطريق طويل وامرأة قد تبدو مسنة !
تحذرني أختي دائماً من إيقاف مركبتي لأي ظرف كان لنقل النساء اللاتي نراهن على جوانب الطرق الرئيسية الممتدة السريعة واللاتي لا نعرف عادة من يتوقعن أن يقف لهن في هذه الطرق وإلى أين يتجهن ؟
تعرف أختي أن مشاعري تتعاطف كثيراً مع البشر دون تمييز لطبائعهم فتقول محذرة : ألم تسمعي قصصاً كثيرة عن جرائم السرقة ؟ ألا تخافي من أن تكون من تتعاطفين معها متنكرة في زي امرأة وهي ليست كذلك، أسمع تحذيراتها المحبة وأقول في نفسي يبدو أن مشاهدة الأفلام المصرية التي تدمنها كثيراً أثرت في طريقة تفكيرها.
هذه المرأة كانت في أحد الشوارع الداخلية في محافظة مسقط،يبدو للوهلة الأولى أنها في منتصف مرحلة الخمسينات ، دفعني فضولني للتوقف لها رغم أنها لم تستوقفني ، سألتها : خالتي وين تريدي تروحي ؟ ردت بأدب جم دون أن تخبرني وجهتها : بنتي عن أخرك ! بعد جدال : ركبت وأول ما فعلته عند ركوبها السيارة هو أن خلعت نعليها ، شعرت بتوجس للحظة ، عادت كلمات أختي لذهني لتنبهني ،هل ستضربني بها فأفقد توازني في القيادة أم ماذا ؟ لكنها عاجلتني بقولها : أخاف النعال بنتي يوسخ سيارتك ! ياااه يا خالة ، سيارتي قديمة جداً ولايبدو عليها أي نوع من الرفاهية حتى تخافين أن تتسخ!! كم يحرجني أدب تعاملك ويخرس أصوات تحذيرات أختي !!
أخبرتني بعد تعارف بسيط أنها من إحدى القرى القريبة جداً من محافظة مسقط وأنها تأتي يومياً صباحاُ كي تعتني بطفلة إحدى قريباتها التي تعمل في مؤسسة حكومية ، إذ تبقى مع طفلتها وتطبخ لهم غدائهم ثم تغادر بعد عودة قريبتها من العمل لتعود لمنزلها في ولايتها برفقة جارتها الشابة التي تعمل في إحدى مؤسسات القطاع الخاص .
قالت بفكاهة ساخرة : "ترى ما أحد طاع يعلمني سياقة عشان كذا كلما تطلع جارتي إجازة ، أتبهدل أنا في الدروب كما تو تشوفيني كذا"
تحدثت عن بناتها اللاتي يدرسن في المدارس وبنتها التي " ماجابت مجموع " والحين تنفعها جالسة في البيت تساعدها في شغل البيت ، كانت تعتذر مني بمعدل مرة كل 5 دقائق على أنها تسببت في تأخيري عن حياتي ،ورددت أنها كانت ستذهب بسيارة أجرة ، ثم ترجع لتتحدث عن أبنائها الذين استقلوا بحياتهم وتركوها مع بناتها لتخرج إلى العمل وهي بهذا العمر ، ثم تصف من تعمل معهم أنهم طيبون لكن " طلعة الصبح " وتركها منزلها لنصف يوم مهملة لبناتها من أجل ١٠٠ ريال متعبة ثم تعود لتحمد الله على النعمة وتقول أن وضعها أحسن من بعض جاراتها اللاتي يحسدنها على هذه النعمة.
بين حديثها الذي لم ينقطع وعدم حاجتي لسؤالها لأنها لم تتوقف عن الكلام وكأنها أخيراً وجدت من يسمعها ، وصلنا لوجهتها وقبل أن تنزل عرضت عليها مبلغاُ من باب أني في مقام إحدى بناتها رفضته بأنفة وعزة وقالت : أنا راتبي 100 ريال والله والحمد لله " كي حتى جارتي فاطمة تبغى تحصل مثل شغلي ، وأنا تو أدور لها "، نزلت من سيارتي وأغلقت باب السيارة بحرص شديد وكأنها تتعامل مع سيارة فارهة وليست سيارتي القديمة جداً ، راقبتها بنظري وهي تبتعد، وأنا اتذكر كل ما قالته وفجأة علت وجهي ابتسامة متسعة جداً وأنا انتبه
أني نسيت في غمرة قصصها أن اسألها عن اسمها!
تونس المحروقي
المكتبة الرئيسية بجامعة السلطان قابوس
الساعة ١٠ مساءً
Friday, 8 December 2017
رسالة إلى الجنة!
إلى سالمة بنت سعيد " أمي " : مر زمن طويل منذ أن رحلتِ ، ومازلت كل صباح أقول لكِ في سري : "ماه ،مو صبحتِ " ؟ ولا أتلقى الجواب !!
عاطفية أنا قليلاً يا أمي وأعرف ذلك ولا يزعجني الأمر ، رأيتك مراراً في طفولتي تشرحين موقفاً ضايقك من أحدهم وقبل أن تنهين جملتك الثانية تنخرطين في بكاء تحاولين أن لا تظهرينه أمامنا فتنهرينا لنخرج من مكان فضفضتك مع جارتك ، أنا مثلك يا أمي عندما أختنق بكلماتي أبكي كما لايليق بقوية وكما لم ترغبي أن تظهري أمامنا !
أمي هل كنت تعرفين وأنت ترافقيننا إلى المدرسة في صفوفنا الدنيا أنك لن تكوني موجودة لتشهدي نجاحات أي منا نحن بناتك الست ؟ وهل لو عرفتي كنت اهتممتي بتعلمنا كما كنت تفعلين ؟ هل تذكرين المرة التي حصلت على المركز الثاني على الفصل ويومها كذبت عليك كي أنفذ من عقابك لكنك عرفتِ وغضبتِ؟!ظللت سنوات المدرسة متعجبة من أن أكون متفوقة وأتعرض للعقاب في كل مرة يخونني اجتهادي ولا أكون الأولى على الفصل، لكني فهمت أسبابكِ بعد أن رحلتِ.
هل تتذكرين الرحلة المدرسية التي شاركت فيها بسبب تفوقي وشاء القدر أن تتعطل الحافلة وبدلاً من أن نعود عصراً عدنا في التاسعة مساءً ؟هل تتذكرين ذهابك لمنزل عائلة المعلمة المرافقة لنا لعلك تحصلين على اطمئنان يهدي قلقك علي ؟ لأكن صادقة معك يا أمي أنا لم يقلق علي أحد بعدك،ذلك القلق المحبب الذي لا يخنق !
هل تتذكرين فرحتنا عندما كان أبي يخبرنا أننا سنذهب في رحلة خارج ولايتنا البعيدة ؟ هل تتذكرين كيف أني وأخواتي كنا نخبر الجميع أننا سنسافر وكأننا سنسافر لباريس وليس لمدينة قريبة لا تبعد سوى ساعتان بالسيارة ؟
هل تتذكرين صحونا قبل آذان الفجر وقبل أن يصحو أبي ، وتحضيرنا ما سنحمله معنا من وجبات ؟وكأننا متجهين لصحراء وليس لطريق على امتداده محلات ومطاعم كثيرة.
هل تذكرين ال١٠٠ بيسة التي كنتِ تعطيني وأخواتي وأحياناً لا تستطيعينها فتعطينا من الطعام الموجود في البيت ؟ هل تتذكرين كم كنت أرفض وأقول لك "أنا الأولى على الصف ومايصير ما يكون عندي فلوس عشان اشتري من الجمعية " ليتكِ بقيت وأقسم لك أني لم أكن لأطلب منك شيئاً !
أمي كنت تحرمين علينا في البيت التلفظ بكثير من الكلمات التي كنا نسمعها في المدرسة وعند الجيران وبالقرب من بيت جدي وجدتي ، نعم كنت تحرمينها لدرجة عندما نسمع أي منها كنا نقول استغفر الله !
لم تقبلي أن نتلفظ بتلك المفردات رغم أنها بمقاييس الأمس واليوم ليست بذلك المستوى السيء من قلة التهذيب ، هل تعرفين يا أمي أني لم استخدمها رغم أنك رحلتِ منذ زمن طويل ورغم أن العالم أصبح ملوثاً بكلماته النابية لكني على عهدي معك وكأنك مازلت هنا !
هل تذكرين الشتاء و أغطية أسرتنا التي نسحبها للصالة وصراخك في كل مرة أن الجو ليس بارداً بما يستدعي أن نسحبها ونتغطى بها ونحن نشاهد التلفزيون ومسلسل الساعة التاسعة تحديداً وقولك المتكرر " لو تو حد جاء البيت وشاف الصالة كذا أيش رح يقول " هل تعرفين يا أمي أنه لم نعد نفعل ذلك منذ رحيلك !!
هل تذكرين حساءك الشتوي " الشوربة" هل تتذكرينها ؟ هل تتذكرين حبي لها، لم أعد أتناولها منذ أن غادرتِ ، أشاهدهم يشربونها وأقول ببلادة أنا لا أحب تناول المشروبات الساخنة !
أمي هل تتذكرين الدجاج الذي كنت تربينه في المنزل وكنتِ تحبينه كثيراً وكم سمعتك وأنت تحدثينه عن بعض همومك ! بعدك يا أمي لم يعد لدينا حيوانات ولا طيور في المنزل ، حتى القطط التي لم تحبينها يوماً ودخلنا في جدال طويل معك لتقبلي وجودها في المنزل رحلتِ جميعاً يوم غادرتِ ولم نحرص على إحضار غيرها.
أمي مر زمن طويل جداً منذ أن رحلتِ وأنا أفتقدك جداً لكني لا استطيع الكتابة لكِ لأني لا أعرف إن كان في عالمك شكل من أشكال الارتباط بعالمنا ، هل تتذكريني يا أمي ؟ أنا تونس رابع بناتك وأكثرهن تعلقاً بك ووجعاً لغيابك !
أنا تونس ، أكتب عنك وكأنك رحلتِ بالأمس ، مع أنهم يقولون ننسى بعامل الوقت ، نحن لا ننسى يا أمي ، لاننسى أحبتناالذين وارينا أجسادهم التراب،فقط يخف حديثنا عنهم،فيظهر علينا التأقلم، وما تأقلمنا،لكنه حزن عميق لا تتسع عوالمنا لسرد وجعه !
رحمك الله
بنتك تونس
تونس المحروقي
من شرفة محطة الرمل !
من شرفة محطة الرمل . تونس المحروقي إهداء إلى : • الفتاة التي كانت تبيع حقائب الأجهزة الإلكترونية في محل متواضع ...
-
بدأ هذا العام ، وأنا لم استعد له ، لنقل أني لم أكن مهيأة نفسياً لعام جديد ، فأنا لم أفرغ من كل ما أريد تحقيق...
-
وصلت سيئول في الثانية و الثلث ظهراً، كان إعياء السفر واضحاً على وجهي ، حتى خلتني كبرت ٢٠ عاماً. قلت لنفسي مواسية : اعتقد أنه بعد رحلة دام...