Monday, 13 November 2017

تلفزيون سناب شات الواقعي !





تقرر أن تفتح حساباُ في منصة "سناب شات" الإلكترونية ، بعد أن ألح عليك المقربون لك في أن تكون جزءًا من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي ورغم أنك تقسم لهم أن لديك حساباً آخر في إحدى المنصات الإفتراضية الإلكترونية وهو يكفيك لتعرف ما يدور في هذه العوالم ، لكنهم يخبرونك أن في سناب شات لحظات أجمل تتخف فيها من بعض الجدية والحزم اللذان تتعامل بهما مع الحياة، وأنك ستشعر ببهجة غير متوقفة وأنت تتابع ما يفعله البشر ويعرضونه من فيديوهات لحياتهم .

 يلحون عليك كثيراُ حتى تشعر لوهلة أن مشاكل الكون ستحل بمجرد فتحك لهذا الحساب"  فتقول لنفسك : لم لا ؟ لنجرب ، تدخل هذا العالم لتجد محيطك العائلي ومحيط الأصدقاء والزملاء وتشاهدهم للمرة الأولى ربما في منازلهم وفي فسحهم وسفرهم وتدخل معهم أحياناً حتى غرف نومهم ، تشاهد ملابسهم الجديدة التي اشتروها والساعات الثمينة التي جاءتهم في مناسبات متعددة ، والحفلات التي يتشاركونها معك بتصويرها ولا تعرف لها مناسبة فلا هم دعوك لحضورها ولا هي متوافقة مع مناسبة خاصة تعرف أنهم يحتفلون بها عادة .

تشاهد مطابخهم ووجباتهم وتعرف ما الذي تناولوه على الغداء والعشاء وتسأل نفسك لماذا تناولوا عشاءً كمثل ذلك التي تناولوه بالأمس ؟ ولماذا يطبخون كل هذه الأنواع من الطعام ؟ وهل سيأكلونها كلها أم سيتم رميها ؟ستعجبك ربما الأواني المستخدمة في تقديم الطعام وربما تبدأ في البحث عنها لتشتري مثلها ، ستجد نفسك تدخل في تفاصيل أشياء لا تعنيك وتنتهي مشاهدتك ولم تعرف ماذا استفدت وما نوع التسلية التي حصلت عليها ؟ بل تلاحظ أنك بدأت تختلف مع أسرتك لأنه لم يحتفلوا بعيد ميلادك كما قام من شاهدتهم في سناب شات في الاحتفال بالمقربين لهم في مناسبات مشابهة ، وربما تغار وتشعر أن حياتك أقل من غيرك وتسأم منها فتقرر أن تلغي متابعة هذه الفئة من المحيطين، قبل أن تخسر علاقتك بأهلك لأنهم لم يوفروا لك تذكرة سفر مثلما فعل أهل أصدقائك  ووضعوا صور تلك التذاكر جلية في حساباتهم في سناب وعبارة " إلى لندن ، والحافظ الله" .

تنتقل إلى متابعة حسابات المشاهير من النجوم المفضلين الذين طالما تعلقت عيناك بالشاشة وأنت ترى مقابلاتهم ونتاجهم الفني والإعلامي ، تقول لنفسك : إن هؤلاء البشر  أشخاص لا أعرفهم واقعياُ وبالتالي لن أشعر أنني سأقارن حياتي بهم ، وهي أيضاً  فرصة لأعرف سر نجاحاتهم وأسباب تألقهم ، تقول ذلك ثم تتكل على الله لتتابع تلك الحسابات .

 في حساباتهم هذه تجد نفسك تشاهد أناس حياتهم الليلية لا تتنهي ، يعودوا ليناموا بعدها حتى الظهر أو العصر،  وبعد أن مر يومك في العمل واللهاث خلف الحياة ومتطلباتها تجد أن النجمة للتو تصحو لتشرب القهوة وماكياجها يكفي دهن الجدران الداخلية لشقة ، بملابس أنيقة وخلفية صورة لديكورات هي أقرب للقصور وأنت تتابع كل ذلك بعيون زائغة باحثة عن تفاصيل تشبه عالمك، تأخذك من سرحانك بها وهي تشرب قهوتها بمحاولاتها أن تظهر بمظهر العارفة بخبايا الحياة فتتفلسف بكلام غير مترابط ولا تعرف مغزاه ، فربما قد أخبرها أحدهم أن تقوله كي تظهر بمظهر المثقفة ، لكنه نسى أن يحفظها الكلام جيداً حتى لا تتوه بقية كلماتها حين تنسى كلمة في أول الجملة ، ترغب في أن تساعدها بأن تخبرها أن كلامها غير مفهوم لتنتبه فتغيره ، لكنك تجد أنها لم تفعل خدمة استلام الرسائل من الجمهور ، فتقف رسالتك لديك ولا يصلها صوتك ولا أنت تفهم كلماتها !

 تتركها وفلسفتها وتذهب لآخرى تبدأ يومها بلطفها المتناهي المصطنع مع عاملات منزلها ، ولا تفهم أنت ضرورة توثيق تلك اللحظات، ثم لقطات آخرى وهي ذاهبة لتتبرع لإحدى الجمعيات الخيرية ، ولا تنسى أن تصور " الشيك " الذي تبرعت به ! ثم في سناب آخر يظهر لك النجم الفلاني يستعرض سياراته من الماركات التي لا يحلم المتابع حتى دخول وكالاتها للنظر إليها ، ويقول لمتابعيه : الله يعطيكم ونقول يارب .

تذهب لسناب آخرى فتجد نجمته مسافرة لإحدى الدول الأوروبية وتخبرنا عن ملابسها ومن أي ماركة هي في كل إطلالة تظهر بها ، تقول ذلك بكل تواضع ! ونحن نشاهد الأجواء والثلوج والملابس الأنيقة وتصهرنا حرارة أجواءنا ، فنخفض درجة حرارة جهاز التكيف في الغرفة ونشرب الماء البارد جداً لنشعر أننا في أجواء مماثلة ، نظل نراقب ونتحسر على حياتنا ونقول لأنفسنا كيف تصل هذه أو ذاك لهذه الحياة ولم نصلها نحن رغم أننا أجمل أو أكثر معرفة ، أو نلنا من العلم درجات أعلى.

تزداد هذه النماذج في حياتنا فتترسخ في أذهان من يتابعها فكرة الحياة السهلة الرغدة المترافقة مع ثروات لم نقف على كيفية تحقيقها، ولم يظهر من حياة أصحابها أي نوع من الاجتهاد الذي يقود لهذا النوع من الثراء  خصوصاً أن أغلبهم لا يظهر غير لحظات الكسل والسفر وتناول الطعام ،و البهرجة العالية في الملابس ونمط الحياة ، وبيننا من يتفرج على كل هؤلاء ، ويعتبرهم قدوة له في نمط حياتهم الذي قد لا يتناسب وحياتنا التي تستلزم الاجتهاد لننعم بالمكاسب ربما بعد عقود ، وليس النوم حتى العصر ثم قضاء اليوم في ممارسة الفراغ !

وفي وسط كل هذا لا ننكر أن هنالك من يقدمون محتوى جيد في مجالات عدة تفيد المتابعين وتضيف لهم ، ويبذلون من وقتهم وجهدهم لذلك الكثير، لكن حسابات هؤلاء تضيع في موجة سناب شات المشاهير واهتماماتهم، فهم متابعيهم غالباُ أقل بكثير من متابعي حسابات المشاهير، وبالتالي انتشار ما يقدمونه أقل بكثير من انتشار صور الفلل والحفلات والأسفاروالمطاعم .

ستجد نفسك بعد كل ذلك التجوال اليومي في هذه المنصة، لا تخرج بشيء حقيقي يضيف لك غير أنك عرفت اللون المفضل لفنانتك المفضلة ، ومعرفة أن النجم الفلاني يحب تناول عشائه في الثالثة فجرأ وأن قمصانه من الماركة الشهيرة التي تحبها ولم تحلم يوماً بإقتناء قميص منها ، وأن الإعلامية المشهورة تسافر بمعدل مرة كل أسبوعين وأنها تحب شراء حذاء من كل دولة تزورها وأنها تحب رش العطر على ملابسها وهي معلقة في خزانة الملابس ! ستشاهد كثيراً وتمتليء بتفاصيلهم جداً وتتنهي بقناعة أن من راقب سناب شات ،، مات غماً ، وضحالة !

 

تونس المحروقي

Wednesday, 1 November 2017

توقفتُ عن الحياة !



إهداء : إلى زميلة الغربة التي جاء الصباح بدونها بعد قرارها ليلاً أن لا تكمل حياتها بدون حلمها التي أقسمنا لها مراراً أنه لا يستحقها !
كوني في عالمك الآخر بخير جداً.

قالت في رسالة طويلة في وقت متأخر جداً من الليل : توقفت عن الإعتناء بأحد ، عن الاستماع لقصصهم البائسة والساذجة وغير المكتملة والتي لا تكتمل وتدفعهم للبكاء طويلاً أمامي وقيامي بتحمل عواقب تلك الصدمات وكأنني من تلقيتها !. 
توقفت عن القيام بدور القريبة الحاضرة دائماً كي تخفف حجم الأحزان ، وينساها أحبتها عندما يفرحون ، ويتعللون بأنهم اعتقدوا بأنها مشغولة ، وما اعتقدوا ذلك حين أرادوا قلبها ليجفف دموعهم 
توقفت عن جعل هاتفي مفتوحاً حينما أنام كي لا تتأزم حياتهم في نومي ولايجدونني، أصبحت أغلقه وأنام قريرة العين. 
أشاهدهم يرسلون رسائل كثيرة يخبرونني ماذا فعلوا في أيامهم التي توالت بدوني ، لكني لا ألتفت ، فقدت شغفي وفضولي في أن أعرف موضوعاتهم المفضلة التي تشغل تفكيرهم في الوقت الراهن! 
توقفت عن السؤال عن الغائبين ، عن انتظار رسائلهم ، عن معاتبتهم ، وعن الحزن طويلاً مساءً لأني اعتقدت أن أحداً ممن ضيعت يومي في محاولة حل مشكلاتهم سيتذكر أن يشكرني عميقاً قبل أن ينام، توقفت عن الطيبة ، وفي مصطلح أدق توقفت أنا عن السذاجة!
كتبت هذه الرسالة ، وتناولت ما تبقى من حبوب مزدحمة في علبة صغيرة أحضرتها من صيدلية صغيرة تلاصق الجامعة كي تقضي على نوبات الإكتئاب التي أصبحت تزورها كثيراً، وأغمضت عيناها ومضت إلى قدرها الذي لا يعرف تفاصيله أحد !!
تونس المحروقي
1 نوفمبر 2017

الخوض / مسقط

من شرفة محطة الرمل !

من شرفة محطة الرمل . تونس المحروقي إهداء إلى : • الفتاة التي كانت تبيع حقائب الأجهزة الإلكترونية في محل متواضع ...